مكية ( والصافات صفا ) قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة : هم الملائكة في السماء يصفون كصفوف الخلق في الدنيا للصلاة .
أخبرنا عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، حدثنا زهير قال : سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم " ؟ قلنا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم ؟ قال : " يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف " .
وقيل : هم الملائكة تصف أجنحتها في الهواء واقفة حتى يأمرها الله تعالى بما يريد .
وقيل : هي الطيور ، دليله قوله تعالى : " والطير صافات " ( النور - 41 ) .
قوله تعالى ( فالزاجرات زجرا ) يعني : الملائكة تزجر السحاب وتسوقه ، وقال قتادة : هي زواجر القرآن تنهى وتزجر عن القبائح .
( فالتاليات ذكرا ) هم الملائكة يتلون ذكر الله عز وجل . وقيل : هم جماعة قراء القرآن ، وهذا كله قسم أقسم الله تعالى به
وموضع القسم قوله: " إن إلهكم لواحد "، وقيل: فيه إضمار، أي: ورب الصافات والزاجرات والتاليات، وذلك أن كفار مكة قالوا: (( أجعل الآلهة إلهاً واحداً ))؟ فأقسم الله بهؤلاء: (( إن إلهكم لواحد )).
( رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ) أي : مطالع الشمس قيل : أراد به المشارق والمغارب ، كما قال في موضع آخر : " فلا أقسم برب المشارق والمغارب " ( المعارج - 40 )
فإن قيل : قد قال في موضع : " برب المشارق والمغارب " ، وقال في موضع : " رب المشرقين ورب المغربين " ( الرحمن - 17 ) وقال في موضع : " رب المشرق والمغرب " ( المزمل - 9 ) ، فكيف وجه التوفيق بين هذه الآيات ؟
قيل : أما قوله : " رب المشرق والمغرب " ، أراد به الجهة ، فالمشرق جهة والمغرب جهة .
وقوله : " رب المشرقين ورب المغربين " أراد : مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، وأراد بالمغربين : مغرب الشتاء ومغرب الصيف .
وقوله : " برب المشارق والمغارب " أراد الله - تعالى - أنه خلق للشمس ثلاثمائة وستين كوة في المشرق ، وثلاثمائة وستين كوة في المغرب ، على عدد أيام السنة ، تطلع الشمس كل يوم من كوة منها ، وتغرب في كوة منها ، لا ترجع إلى الكوة التي تطلع منها إلى ذلك اليوم من العام المقبل ، فهي المشارق والمغارب ، وقيل : كل موضع شرقت عليه الشمس فهو مشرق وكل موضع غربت عليه الشمس فهو مغرب ، كأنه أراد رب جميع ما أشرقت عليه الشمس وغربت .
" إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب "، قرأ عاصم، برواية أبي بكر: (( بزينة )) منونة (( الكواكب )) نصب، أي: بتزييننا الكواكب، وقرأ حمزة ، وحفص: (( بزينة )) منونة، (( الكواكب )) خفضاً على البدل، أي: بزينة بالكواكب، أي: زيناها بالكواكب. وقرأ الآخرون: (( بزينة الكواكب ))، بلا تنوين على الإضافة. قال ابن عباس: بضوء الكواكب.
( وحفظا ) أي : وحفظناها حفظا ( من كل شيطان مارد ) متمرد يرمون بها .