تفسير سورة ق تفسير الطبري

تفسير سورة ق بواسطة تفسير الطبري هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 50 في المصحف الكريم وعدد آياتها 45.

تفسير آيات سورة ق

من
إلى
المفسرون

تفسير ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)

القول في تأويل قوله تعالى : ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)
اختلف أهل التأويل في قوله: (ق) , فقال بعضهم: هو اسم من أسماء الله تعالى أقسم به.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي بن داود, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس في قوله: (ق) و ن وأشباه هذا, فإنه قسم أقسمه الله, وهو اسم من أسماء الله.
وقال آخرون: هو اسم من أسماء القرآن.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله (ق) قال: اسم من أسماء القرآن.
وقال آخرون: (ق) اسم الجبل المحيط بالأرض, وقد تقدّم بياننا في تأويل حروف المعجم التي في أوائل سور القرآن بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله ( وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) يقول: والقرآن الكريم.
كما حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا يحيى بن يمان, عن أشعث بن إسحاق, عن جعفر بن أبي المغيرة, عن سعيد بن جُبير ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) قال: الكريم.
واختلف أهل العربية في موضع جواب هذا القسم, فقال بعض نحويِّي البصرة ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) قسم على قوله قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وقال بعض نحويِّي أهل الكوفة: فيها المعنى الذي أقسم به, وقال: ذكر أنها قضى والله, وقال: يقال: إن قاف جبل محيط بالأرض, فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع: أي هو قاف والله; قال: وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء; قال: ولعلّ القاف وحدها ذكرت من اسمه, كما قال الشاعر:
قُلْت لَها قفي لَنَا قالَتْ قاف (1)
ذُكرت القاف إرادة القاف من الوقف: أي إني واقفة.
وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب, لأنه لا يعرف في أجوبة الأيمان قد, وإنما تجاب الأيمان إذا أجيبت بأحد الحروف الأربعة: اللام, وإن, وما, ولا أو بترك جوابها فيكون ساقطا.
------------------------
الهوامش:
(1) في ( اللسان : وقف ) غير منسوب . وقوله * قلـت لهـا قفـي قـالت قـاف *
بسكون الكاف الفاء : إنما أراد : قد وقفت فاكتفى بذكر القاف . قال ابن جني : ولو نقل هذا الشاعر إلينا شيئا من جملة الحال، فقال مع قوله : قالت قاف ، وأمسكت زمام بعيرها ، أو عاجته عليها ، لكان أبين ، لما كانوا عليه ، وأدل على أنها أرادت قفي لنا ، أي يقول لي قفي لنا! متعجبة منه . وهو إذا شاهدها وقد وقفت علم أن قولها : قاف إجابة لقوله ، وتعجب منه في قوله قفي لنا . أ هـ . وفي معاني القرآن للفراء ( الورقة 308 ) أورد البيت ثم قال : ذكرت القاف من الوقت ، أي إني واقفة . أ هـ .

تفسير بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)

وقوله ( بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما كذّبك يا محمد مشركو قومك أن لا يكونوا عالمين بأنك صادق محقّ, ولكنهم كذّبوك تعجبا من أن جاءهم منذر ينذرهم عقاب الله منهم, يعني بشرا منهم من بني آدم, ولم يأتهم مَلك برسالة من عند الله.
وقوله ( فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) يقول تعالى ذكره: فقال المكذّبون بالله ورسوله من قريش إذ جاءهم منذر منهم ( هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) : أي مجيء رجل منا من بني آدم برسالة الله إلينا,( هَلا (2) أُنـزلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ) .
--------------------------
الهوامش:
(2) التلاوة " لولا " . أ هـ . مصححه .

تفسير أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ۖ ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)

القول في تأويل قوله تعالى : أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)
يقول القائل: لم يجر للبعث ذكر, فيخبر عن هؤلاء القوم بكفرهم ما دعوا إليه من ذلك, فما وجه الخبر عنهم بإنكارهم ما لم يدعوا إليه, وجوابهم عما لم يسألوا عنه. قيل: قد اختلف أهل العربية في ذلك, فنذكر ما قالوا في ذلك, ثم نتبعه البيان إن شاء الله تعالى, فقال في ذلك بعض نحويِّي البصرة قال ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) , لم يذكر أنه راجع, وذلك والله أعلم لأنه كان على جواب, كأنه قيل لهم: إنكم ترجعون, فقالوا( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) وقال بعض نحويِّي الكوفة قوله : ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ) كلام لم يظهر قبله, ما يكون هذا جوابا له, ولكن معناه مضمر, إنما كان والله أعلم : ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ لَتُبْعثنّ بعد الموت, فقالوا: أإذا كنا ترابا بُعثنا؟ جحدوا البعث, ثم قالوا( ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) جحدوه أصلا قوله ( بَعِيدٌ ) كما تقول للرجل يخطئ في المسألة, لقد ذهبت مذهبا بعيدا من الصواب: أي أخطأت.
والصواب من القول في ذلك عندنا, أن في هذا الكلام متروكا استغني بدلالة ما ذُكر عليه من ذكره, وذلك أن الله دلّ بخبره عن تكذيب هؤلاء المشركين الذين ابتدأ هذه السورة بالخبر عن تكذيبهم رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقوله بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ على وعيده إياهم على تكذيبهم محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فكأنه قال لهم: إذ قالوا منكرين رسالة الله رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ستعلمون أيها القوم إذا أنتم بُعثتم يوم القيامة ما يكون حالكم في تكذيبكم محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , وإنكاركم نبوّته, فقالوا مجيبين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ) نعلم ذلك, ونرى ما تعدنا على تكذيبك ( ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) : أي أن ذلك غير كائن, ولسنا راجعين أحياء بعد مماتنا, فاستغني بدلالة قوله بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فقال الكافرون هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ من ذكر ما ذكرت من الخبر عن وعيدهم.
وفيما حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) قالوا: كيف يحيينا الله, وقد صرنا عظاما ورفاتا, وضللنا في الأرض, دلالة على صحة ما قلنا من أنهم أنكروا البعث إذا توعِّدوا به.
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(3) زيادة لربط الكلام ، ونظن أنها سقطت من قلم الناسخ .

تفسير قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ۖ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)

وقوله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) يقول تعالى ذكره: قد علمنا ما تأكل الأرض من أجسامهم بعد مماتهم, وعندنا كتاب بما تأكل الأرض وتفني من أجسامهم, ولهم كتاب مكتوب مع علمنا بذلك, حافظ لذلك كله, وسماه الله تعالى حفيظا, لأنه لا يدرس ما كتب فيه, ولا يتغير ولا يتبدل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, فال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) يقول: ما تأكل الأرض من لحومهم وأبشارهم وعظامهم وأشعارهم.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نَجيح, عن مجاهد, قوله ( مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) قال: من عظامهم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, في قوله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) يقول: ما تأكل الأرض منهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) قال: يعني الموت, يقول: من يموت منهم, أو قال: ما تأكل الأرض منهم إذا ماتوا.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, قال الله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) يقول: ما أكلت الأرض منهم ونحن عالمون به, وهم عندي مع علمي فيهم في كتاب حفيظ.

تفسير بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5)

القول في تأويل قوله تعالى : بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5)
يقول تعالى ذكره: ما أصاب هؤلاء المشركون القائلون أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ في قيلهم هذا( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ ) , وهو القرآن ( لَمَّا جَاءَهُمْ ) من الله.
كالذي حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ) أي كذّبوا بالقرآن ( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) يقول: فهم في أمر مختلط عليهم ملتبس, لا يعرفون حقه من باطله, يقال (3) قد مرج أمر الناس إذا اختلط وأهمل.
وقد اختلفت عبارات أهل التأويل في تأويلها, وإن كانت متقاربات المعاني, فقال بعضهم: معناها: فهم في أمر منكر; وقال: المريج: هو الشيء المنكر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن خالد بن خداش, قال: ثني سلم بن قُتيبة, عن وهب بن حبيب الآمدي, عن أبي حمزة, عن ابن عباس أنه سُئل عن قوله ( أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال: المريج: الشيء المنكر; أما سمعت قول الشاعر:
فَجــالَتْ والْتَمَسَــتْ بــهِ حَشـاها
فَخَـــرَّ كأنَّــهُ خُــوطٌ مَــرِيجُ (4)
وقال آخرون: بل معنى ذلك: في أمر مختلف.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) في قول: مختلف.
وقال آخرون: بل معناه: في أمر ضلالة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال: هم في أمر ضلالة.
وقال آخرون: بل معناه: في أمر مُلْتبِس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب, قال : ثنا يحيى بن يمان, عن أشعث بن إسحاق, عن جعفر بن أبي المغيرة, عن سعيد بن جُبَير, في قوله ( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال: مُلْتَبِسٍ.
حدثنا محمد بن عمرو, قال أبو عاصم, قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال : ملتبس.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) ملتبس عليهم أمره.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, قال: والتبس عليه دينه.
وقال آخرون : بل هو المختلط.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال: المريج: المختلط.
وإنما قلت: هذه العبارات وإن اختلفت الفاظها فهي في المعنى متقاربات, لأن الشيء مختلف ملتبس, معناه مشكل. وإذا كان كذلك كان منكرا, لأن المعروف واضح بين, وإذا كان غير معروف كان لا شكّ ضلالة, لأن الهدى بين لا لبس فيه.
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(3) زيادة لربط الكلام ، ونظن أنها سقطت من قلم الناسخ .
(4) البيت للداخل بن حرام الهذلي ، كما في شرح أشعار الهذليين للسكري طبعة أوربا ، ص 269 وليس لأبي ذؤيب ، كما قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 225 ب ) . والضمير في جالت للبقرة . وفي به إلى السهم الذي وصفه . ويروي : فراغت : في موضع " فجالت " . أي حادت عن السهم . والحشا : حشوة الجوف . وخر : سقط . وخوط : غصن أو قضيب . ومريج : أي قد طرح وترك ، يقال : مرج إذا وقع فترك . ويقال مريج : قلق ، يقال مرج الخاتم في يدي ، أي انسل يمرج مرحبا أي قلق وتقلقل واضطرب ومرج ، وفي ( اللسان : مرج ) المرج بالتحريك : مصدر قولك : مرج الخاتم في يدي مرجا : أي قلق . وفي التنزيل " فهم في أمر مريج " يقول : في ضلال . وقال أبو إسحاق : في أمر مختلف ، ملتبس عليهم ، يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم مرة : ساحر . ومرة شاعر ، ومرة معلم مجنون . وهذا الدليل على أن قوله " مريج " ملتبس عليهم . أ هـ . وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة ( الورقة 225 ب ) مريج مختلط ؛ يقال قد مرج أمر الناس: اختلط وأهمل . وقال أبو ذؤيب ( كذا ) " فخر كأنه خوط مريج " أي سهم . أ هـ .

تفسير أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6)

وقوله ( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا ) يقول تعالى ذكره: أفلم ينظر هؤلاء المكذّبون بالبعث بعد الموت المنُكرون قُدرتنا على إحيائهم بعد بلائهم ( إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا ) فسوّيناها سقفا محفوظا, وزيناها بالنجوم ( وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ) يعني: وما لها من صدوع وفُتوق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال : ثنا أبو عاصم, قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال : ثنا الحسن, قال : ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( مِنْ فُرُوجٍ ) قال: شَقّ.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ) قلت له, يعني ابن زيد: الفروج: الشيء المتبرئ بعضه من بعض, قال: نعم.

تفسير وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)

القول في تأويل قوله تعالى : وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)
وقوله ( وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا ) يقول: والأرض بسطناها( وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ) يقول: وجعلنا فيها جبالا ثوابت, رست في الأرض,( وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) يقول تعالى ذكره: وأنبتنا في الأرض من كلّ نوع من نبات حسن, وهو البهيج.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ, قال : ثنا أبو صالح, قال : ثني معاوية بن صالح, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( بَهِيجٍ ) يقول: حسن.
حدثنا بشر, قال : ثنا يزيد, قال : ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ) والرواسي الجبال ( وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) : أي من كلّ زوج حسن.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قلت لابن زيد ( البَهِيج ) : هو الحسن المنظر؟ قال نعم.