تفسير سورة التوبة الآية 36

تفسير سورة التوبة الآية 36 بواسطة تفسير السعدي هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مدنية وجاء ترتيبها 9 في المصحف الكريم وعدد آياتها 129.

كما يمكنكم الاستماع لتفسير سورة التوبة صوت mp3 مع إمكانية تحميله

تفسير آيات سورة التوبة

من
إلى
المفسرون

استماع تفسير سورة التوبة MP3

تفسير سورة التوبة الآية 36 تفسير السعدي

تفسير إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)

يقول تعالى ‏{‏إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ في قضائه وقدره‏.‏ ‏{‏اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا‏}‏ وهي هذه الشهور المعروفة ‏{‏فِي كِتَابِ اللَّهِ‏}‏ أي في حكمه القدري، ‏{‏يَوْمَ خَلَقَ السموات وَالْأَرْضَ‏}‏ وأجرى ليلها ونهارها، وقدر أوقاتها فقسمها على هذه الشهور الاثني عشر ‏[‏شهرًا‏]‏‏.‏
{‏مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ‏}‏ وهي‏:‏ رجب الفرد، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها‏.‏
{‏فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ‏}‏ يحتمل أن الضمير يعود إلى الاثنى عشر شهرا، وأن اللّه تعالى بين أنه جعلها مقادير للعباد، وأن تعمر بطاعته، ويشكر اللّه تعالى على مِنَّتِهِ بها، وتقييضها لمصالح العباد، فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها‏.‏
ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم، وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها، خصوصا مع النهي عن الظلم كل وقت، لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها‏.‏
ومن ذلك النهي عن القتال فيها، على قول من قال‏:‏ إن القتال في الأشهر الحرام لم ينسخ تحريمه عملا بالنصوص العامة في تحريم القتال فيها‏.‏
ومنهم من قال‏:‏ إن تحريم القتال فيها منسوخ، أخذا بعموم نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً‏}‏ أي‏:‏ قاتلوا جميع أنواع المشركين والكافرين برب العالمين‏.‏
ولا تخصوا أحدًا منهم بالقتال دون أحد، بل اجعلوهم كلهم لكم أعداء كما كانوا هم معكم كذلك، قد اتخذوا أهل الإيمان أعداء لهم، لا يألونهم من الشر شيئًا‏.‏
ويحتمل أن ‏{‏كَافَّةً‏}‏ حال من الواو فيكون معنى هذا‏:‏ وقاتلوا جميعكم المشركين، فيكون فيها وجوب النفير على جميع المؤمنين‏.‏
وقد نسخت على هذا الاحتمال بقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً‏}‏ الآية‏.‏ ‏{‏وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ‏}‏ بعونه ونصره وتأييده، فلتحرصوا على استعمال تقوى اللّه في سركم وعلنكم والقيام بطاعته، خصوصا عند قتال الكفار، فإنه في هذه الحال، ربما ترك المؤمن العمل بالتقوى في معاملة الكفار الأعداء المحاربين‏.‏