تفسير سورة المسد الآية 1 تفسير الطبري

تفسير سورة المسد الآية 1 بواسطة تفسير الطبري هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 111 في المصحف الكريم وعدد آياتها 5.

تفسير آيات سورة المسد

من
إلى
المفسرون

تفسير تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)
يقول تعالى ذكره: خسرت يدا أبي لهب, وخسر هو. وإنما عُنِي بقوله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) تبّ عمله. وكان بعض أهل العربية يقول: قوله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) : دعاء عليه من الله.
وأما قوله: ( وَتَبَّ ) فإنه خبر. ويُذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ". وفي دخول " قد " فيه دلالة على أنه خبر, ويمثِّل ذلك بقول القائل, لآخر: أهلكك الله, وقد أهلكك, وجعلك صالحا وقد جعلك.
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) : أي خسرت وتب.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قول الله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) قال: التبّ: الخسران, قال: قال أبو لهب للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ماذا أُعطَى يا محمد إن آمنت بك؟ قال؟ " كمَا يُعْطَى المُسْلِمُون ", فقال: ما لي عليهم فضل ؟ قال: " وأيّ شَيْءٍ تَبْتَغِي؟" قال: تبا لهذا من دين تبا, أن أكون أنا وهؤلاء سواء, فأنـزل الله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) يقول: بما عملت أيديهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) قال: خسرت يدا أبي لهب وخسر.
وقيل: إن هذه السورة نـزلت في أبي لهب, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خص بالدعوة عشيرته, إذ نـزل عليه: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ وجمعهم للدعاء, قال له أبو لهب: تبا لك سائر اليوم, ألهذا دعوتنا ؟
* ذكر الأخبار الواردة بذلك:
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن عمرو, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا, فقال: " يا صَباحاهُ!" فاجتمعت إليه قريش, فقالوا: مالك ؟ قال: " أرأيْتُكُمْ إنْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أوْ مُمَسِّيكُمْ, أما كُنْتُمْ تُصَدقُونَنِي؟" قالوا: بلى, قال: " فإني نَذِيرٌ لَكُمْ بَينَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ", فقال أبو لهب: تبا لك, ألهذا دعوتنا وجمعتنا ؟! فأنـزل الله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) إلى آخرها .
حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن عمرو, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, مثله.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن نمير, عن الأعمش, عن عمرو بن مرة, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: لما نـزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصَّفا ثم نادَى: " يا صَباحاهُ" فاجتمع الناس إليه, فبين رجل يجيء, وبين آخر يبعث رسوله, فقال: " يا بَنِي هاشِمٍ, يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ, يا بَنِي فِهْرٍ, يا بَنِي... يا بَنِي أرَأَيْتُكُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلا بِسَفْحِ هَذَا الجَبَلِ" -يريد تغير عليكم- صَدَّقْتُمُونِي؟" قالوا ": نعم, قال: " فإني نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ", فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم, ألهذا دعوتنا ؟ فنـزلت: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ).
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو أسامة, عن الأعمش, عن عمرو بن مرة, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: لما نـزلت هذه الآية: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ورهطك منهم المخلصين, خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم, حتى صعد الصفا, فهتف: " يا صَباحاهُ" فقالوا: " من هذا الذي يهتف ؟ فقالوا: محمد, فاجتمعوا إليه ", فقال: " يا بَنِي فُلانٍ, يا بَنِي فُلانٍ, يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ, يا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ", فاجتمعوا إليه, فقال: " أرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هَذَا الجَبَلِ أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" قالوا: ما جربنا عليك كذبا, قال " فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ", فقال أبو لهب: تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ؟ ثم قام فنـزلت هذه السورة: " تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ" كذا قرا الأعمش إلى آخر السورة .
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, في قوله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) قال: حين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه وإلى غيره, وكان أبو لهب عمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم, وكان اسمه عبد العزى, فذكرهم, فقال أبو لهب: تبا لك, في هذا أرسلت إلينا ؟ فأنـزل الله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) .