تفسير سورة الحج الآية 2

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ 1 يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ 2 وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ 3 كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ 4 يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ 5 ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 6

تفسير الآية 2

تفسير يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ) قال: تترك ولدها للكرب الذي نـزل بها.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن الحسن ( تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ) قال: ذهلت عن أولادها بغير فطام ( وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ) قال: ألقت الحوامل ما في بطونها لغير تمام، ( وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ) يقول: وتسقط كل حامل من شدة كرب ذلك حملها.
وقوله ( وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ) قرأت قرّاء الأمصار ( وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى) على وجه الخطاب للواحد، كأنه قال: وترى يا محمد الناس حينئذ سُكارى وما هم بسُكارى. وقد رُوي عن أبي زُرْعة بن عمرو بن جرير (وَتُرَى النَّاسَ) بضم التاء ونصب الناس، من قول القائل: أرِيْت تُرى، التي تطلب الاسم والفعل (7) ، كظنّ وأخواتها.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء.
واختلف القرّاء في قراءة قوله ( سُكارَى ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة ( سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) . وقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة ( وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى ومَا هُمْ بِسَكْرَى) .
والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان مستفيضتان في قَرأة الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب، ومعنى الكلام: وترى الناس يا محمد من عظيم ما نـزل بهم من الكرب وشدّته سُكارى من الفزع وما هم بسكارى من شرب الخمر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك : قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن الحسن ( وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ) من الخوف ( وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) من الشراب.
قال ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) قال: ما هُم بسكارى من الشراب، ( وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) .
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ) قال: ما شربوا خمرا يقول تعالى ذكره: ( وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) يقول تعالى ذكره : ولكنهم صاروا سكارى من خوف عذاب الله عند معاينتهم ما عاينوا من كرب ذلك وعظيم هوله، مع علمهم بشدة عذاب الله.
----------------------------------
الهوامش :
(7) لعل الصواب : الاسم والخبر . لأن ظن ورأى وأعلم تدخل على الجملة الاسمية من المبتدأ والخبر .