تفسير سورة القصص الآية 18 تفسير الطبري

تفسير سورة القصص الآية 18 بواسطة تفسير الطبري هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 28 في المصحف الكريم وعدد آياتها 88.

تفسير آيات سورة القصص

من
إلى
المفسرون

تفسير فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18)

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18)
يقول تعالى ذكره: فأصبح موسى في مدينة فرعون خائفا من جنايته التي جناها, وقتله النفس التي قتلها أن يُؤخذ فيقتل بها(يَتَرَقَّبُ) يقول: يترقب الأخبار: أي ينتظر ما الذي يتحدّث به الناس, مما هم صانعون في أمره وأمر قتيله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني العباس بن الوليد, قال: أخبرنا يزيد, قال: أخبرنا أصبغ بن زيد, قال: ثنا القاسم عن أبي أيوب, قال: ثنا سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس: ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) قال: خائفا من قتله النفس, يترقب أن يؤخذ.
حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي: ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) قال: خائفا أن يُؤخذ.
وقوله: ( فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) يقول تعالى ذكره: فرأى موسى لما دخل المدينة على خوف مترقبا الأخبار عن أمره وأمر القتيل, فإذا الإسرائيلي الذي استنصره بالأمس على الفرعونيّ يقاتله فرعونيّ آخر, فرآه الإسرائيلي فاستصرخه على الفرعونيّ. يقول: فاستغاثه أيضا على الفرعوني, وأصله من الصُّراخ, كما يقال: قال بنو فلان: يا صباحاه, قال له موسى: ( إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) يقول جل ثناؤه: قال موسى للإسرائيلي الذي استصرخه, وقد صادف موسى نادما على ما سلف منه من قتله بالأمس القتيل, وهو يستصرخه اليوم على آخر: إنك أيها المستصرخ لغويّ: يقول: إنك لذو غواية, مبين. يقول: قد تبينت غوايتك بقتالك أمس رجلا واليوم آخر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني العباس, قال: أخبرنا يزيد, قال: أخبرنا أصبغ بن زيد, قال: ثنا القاسم, قال: ثنا سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس, قال: أتي فرعون, فقيل له: إن بني إسرائيل قد قتلوا رجلا من آل فرعون, فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم في ذلك, قال: ابغوني (2) قاتله ومن يشهد عليه, لا يستقيم أن نقضي بغير بينة ولا ثَبَت (3) فاطلبوا ذلك, فبينما هم يطوفون لا يجدون شيئا, إذ مرّ موسى من الغد, فرأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونيا, فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعونيّ, فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه بالأمس, وكره الذي رأى, فغضب موسى, فمد يده وهو يريد أن يبطش بالفرعوني, فقال للإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم ( إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) , فنظر الإسرائيلي إلى موسى بعد ما قال هذا, فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس إذ قتل فيه الفرعوني, فخاف أن يكون بعد ما قال له: ( إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) إياه أراد, ولم يكن أراده, إنما أراد الفرعوني, فخاف الإسرائيلي فحاجّه, فقال يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ ؟ وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله, فتتاركا.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد عن قَتادة: ( فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) قال: الاستنصار والاستصراخ واحد.
حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي: ( فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) يقول: يستغيثه.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: لما قتل موسى القتيل, خرج فلحق بمنـزله من مصر, وتحدّث الناس بشأنه, وقيل: قتل موسى رجلا حتى انتهى ذلك إلى فرعون, فأصبح موسى غاديا الغَد, وإذا صاحبه بالأمس معانق رجلا آخر من عدوّه , فقال له موسى: ( إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) أمس رجلا واليوم آخر؟.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا حفص, عن الأعمش, عن سعيد بن جُبَيْر والشيباني, عن عكرمة, قال: الذي استنصره: هو الذي استصرخه.
------------------------
الهوامش:
(2) ابغوني قاتله: هاتوا لي قاتله.
(3) في (اللسان: ثبت) الثبت: بالتحريك: الحجة والبينة.