تفسير سورة القصص الآية 48 تفسير الطبري

تفسير سورة القصص الآية 48 بواسطة تفسير الطبري هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 28 في المصحف الكريم وعدد آياتها 88.

تفسير آيات سورة القصص

من
إلى
المفسرون

تفسير فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ ۚ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِنْ قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)
يقول تعالى ذكره: فلما جاء هؤلاء الذين لم يأتهم من قبلك يا محمد نذير فبعثناك إليهم نذيرا( الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا ) , وهو محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة من الله إليهم, قالوا تمرّدًا على الله, وتماديا في الغيّ: هلا أوتي هذا الذي أرسل إلينا, وهو محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما أوتي موسى بن عمران من الكتاب؟ يقول الله تبارك وتعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لقومك من قريش, القائلين لك ( لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى ) أو لم يكفر الذين علموا هذه الحجة من اليهود بما أوتي موسى منْ قبلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: يهود تأمر قريشا أن تسأل محمدا مثل ما أوتي موسى, يقول الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: قل لقريش يقولوا لهم: أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى ) قال: اليهود تأمر قريشا, ثم ذكر نحوه " قَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: " وَقَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " بمعنى: أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل, وقالوا له ولمحمد صلى الله عليه وسلم في قول بعض المفسرين, وفي قول بعضهم لموسى وهارون عليهما السلام, وفي قول بعضهم: لعيسى ومحمد ساحران تعاونا. وقرأ عامة قرّاء الكوفة: ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) بمعنى: وقالوا للتوراة والفرقان في قول بعض أهل التأويل, وفي قول بعضهم للإنجيل والفُرقان.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك على قدر اختلاف القرّاء في قراءته.
* ذكر من قال: عُنِيَ بالساحرين اللذين تظاهرا محمد وموسى صلى الله عليهما:
حدثنا سليمان بن محمد بن معدي كرب الرعيني, قال: ثنا بقية بن الوليد, قال: ثنا شعبة, عن أبي حمزة قال: سمعت مسلم بن يسار, يحدّث عن ابن عباس, في قول الله " ساحران تظاهرا " قال: موسى ومحمد.
حدثنا محمد بن المثنى, قال. ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي حمزة, قال: سمعت مسلم بن يسار, قال: سألت ابن عباس, عن هذه الآية " ساحران تظاهرا " قال: موسى ومحمد.
حدثنا ابن المثنى, قال. ثنا يحيى بن سعيد, عن شعبة, عن أبي حمزة, عن مسلم بن يسار, أن ابن عباس, قرأ " سَاحِرَانِ" قال موسى ومحمد عليهما السلام.
حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبي , عن شعبة, عن كيسان أبي حمزة, عن مسلم بن يسار, عن ابن عباس, مثله.
* ومن قال: موسى وهارون عليهما السلام:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله " ساحران تظاهرا " قال يهودُ: لموسى وهارون.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) قول يهودَ لموسى وهارون عليهما السلام.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد, عن سعيد بن جُبَيْر وأبي رزين أن أحدهما قرأ: " سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا ", والآخر: " سِحْرَانِ". قال: الذي قرأ " سِحْرَانِ" قال: التوراة والإنجيل. وقال: الذي قرأ: " سَاحِرَان " قال: موسى وهارون.
وقال آخرون: عنوا بالساحرين عيسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم .
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين. قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن الحسن, قوله: " سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " قال عيسى ومحمد, أو قال موسى صلى الله عليه وسلم .
* ذكر من قال: عنوا بذلك التوراة والفرقان, ووجه تأويله إلى قراءة من قرأ " سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ":
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال ثنى معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: " سِحْرَانِ تَظَاهَرَا " يقول: التوراة والقرآن.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمى, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) يعني: التوراة والفرقان.
حدثني يونس, قال أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) قال: كتاب موسى, وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
* ذكر من قال: عنوا به التوراة والإنجيل:
حدثنا ابن وكيع، قال ثنا ابن علية, عن حميد الأعرج, عن مجاهد, قال: كنت إلى جنب ابن عباس وهو يتعوذ بين الركن والمقام, فقلت كيف تقرأ " سِحْرَانِ", أو " ساحِران "؟فلم يردّ عليّ شيئا, فقال عكرِمة: ساحران, وظننت أنه لو كره ذلك أنكره عليّ . قال حميد فلقيت عكرِمة بعد ذلك فذكرت ذلك له, وقلت كيف كان يقرؤها؟ قال: كان يقرأ " سِحْرَانِ تَظَاهَرَا " أي: التوراة والإنجيل.
* ذكر من قال: عنوا به الفرقان والإنجيل:
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا عبيد, عن الضحاك, أنه قرأ ( سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) يعنون الإنجيل والفرقان.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) قالت ذلك أعداء الله اليهود للإنجيل والفرقان, فمن قال " سَاحِرَانِ" فيقول: محمد, وعيسى ابن مريم.
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب, قراءة من قرأه ( قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) بمعنى: كتاب موسى وهو التوراة, وكتاب عيسى وهو الإنجيل.
وإنما قلنا: ذلك أولى القراءتين بالصواب, لأن الكلام من قبله جرى بذكر الكتاب, وهو قوله: ( قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى ) والذي يليه من بعده ذكر الكتاب, وهو قوله: فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ فالذي بينهما بأن يكون من ذكره أولى وأشبه بأن يكون من ذكر غيره. وإذ كان ذلك هو الأولى بالقراءة, فمعلوم أن معنى الكلام: قل يا محمد، أو لم يكفر هؤلاء اليهود بما أوتي موسى من قبل؟ وقالوا لما أوتي موسى (2) من الكتاب وما أوتيته أنت: سحران تعاونا؟
وقوله: ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) يقول تعالى ذكره: وقالت اليهود: إنا بكلّ كتاب في الأرض من توراة وإنجيل, وزبور وفرقان كافرون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل, وخالفه فيه مخالفون.
* ذكر من قال مثل الذي قلنا في ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) قالوا: نكفر أيضا بما أوتي محمد.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) قال اليهود أيضا: نكفر بما أوتي محمد أيضا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وقالوا إنا بكلّ الكتابين الفرقان والإنجيل كافرون.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا عبيد, عن الضحاك ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) يقول: بالإنجيل والقرآن.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) يعنون الإنجيل والفرقان.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) قال: هم أهل الكتاب, يقول: بالكتابين: التوراة والفرقان .
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) الذي جاء به موسى, والذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .
------------------------
الهوامش:
(2) ‌لعله: لما أوتي عيسى... إلخ.