تفسير سورة يس تفسير الطبري

تفسير سورة يس بواسطة تفسير الطبري هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 36 في المصحف الكريم وعدد آياتها 83.

تفسير آيات سورة يس

من
إلى
المفسرون

تفسير يس (1)

القول في تأويل قوله تعالى : يس (1)
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( يس )؛ فقال بعضهم: هو قسم أقسم الله به، وهو من أسماء الله.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( يس )قال: فإنه قسم أقسمه الله، وهو من أسماء الله وقال آخرون: معناه: يا رجل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا أبو تُميلة، قال: ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله (يس ) قال: يا إنسان بالحبشية .
حدثنا ابن المثنى قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن شرقي، قال: سمعت عكرمة يقول: تفسير (يس) : يا إنسان .
وقال آخرون: هو مفتاح كلام افتتح الله به كلامه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ( يس )مفتاح كلام افتتح الله به كلامه .
وقال آخرون: بل هو اسم من أسماء القرآن.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( يس )قال: كل هجاء في القرآن اسم من أسماء القرآن .
قال أبو جعفر ، وقد بيَّنا القول فيما مضى في نظائر ذلك من حروف الهجاء بما أغنى عن إعادته وتكريره في هذا الموضع.

تفسير وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)

وقوله ( وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) يقول: والقرآن المحكم بما فيه من أحكامه، وبيِّنات حججه .

تفسير إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3)

( إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) يقول تعالى ذكره مقسمًا بوحيه وتنـزيله لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : إنك يا محمد لمن المرسلين بوحي الله إلى عباده.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) قسم كما تسمعون (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

تفسير عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)

وقوله ( عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) يقول: على طريق لا اعوجاج فيه من الهدى وهو الإسلام.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) : أي على الإسلام .
وفي قوله ( عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) وجهان؛ أحدهما: أن يكون معناه: إنك لمن المرسلين على استقامة من الحق، فيكون حينئذٍ " على " من قوله ( عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) من صلة الإرسال. والآخر أن يكون خبرًا مبتدأ، كأنه قيل: إنك لمن المرسلين، إنك على صراط مستقيم.

تفسير تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)

القول في تأويل قوله تعالى : تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)
اختلف القراء في قراءة قوله ( تَنـزيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ) فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة (تَنـزيلُ الْعَزِيزِ) برفع " تنـزيل " ، والرفع في ذلك يتجه من وجهين؛ أحدهما بأن يجعل خبرًا، فيكون معنى الكلام: إنه تنـزيل العزيز الرحيم. والآخر: بالابتداء، فيكون معنى الكلام حينئذٍ : إنك لمن المرسلين، هذا تنـزيل العزيز الرحيم. وقرأته عامة قراء الكوفة وبعض أهل الشام (تَنـزيلَ) نصبًا على المصدر من قوله إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ لأن الإرسال إنما هو عن التنـزيل، فكأنه قيل: لمنـزل تنـزيل العزيز الرحيم حقًّا.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب. ومعنى الكلام: إنك لمن المرسلين يا محمد إرسال الرب العزيز في انتقامه من أهل الكفر به، الرحيم بمن تاب إليه، وأناب من كفره وفسوقه أن يعاقبه على سالف جرمه بعد توبته له .

تفسير لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)

القول في تأويل قوله تعالى : لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ ) فقال بعضهم: معناه: لتنذر قومًا بما أنذر الله من قبلهم من آبائهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة في هذه الآية (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ ) قال: قد أنذروا .
وقال آخرون: بل معنى ذلك لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم (1) .
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ ) قال بعضهم: لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم من إنذار الناس قبلهم. وقال بعضهم: لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم أي: هذه الأمة لم يأتهم نذير، حتى جاءهم محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم .
واختلف أهل العربية في معنى " ما " التي في قوله ( مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ ) إذا وجِّهَ معنى الكلام إلى أن آباءهم قد كانوا أنذروا، ولم يُرد بها الجحد ؛ فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: إذا أريد به غير الجحد لتنذرهم الذي أُنذِر آباؤهم ( فَهُمْ غَافِلُونَ ) وقال: فدخول الفاء في هذا المعنى لا يجوز، والله أعلم. قال: وهو على الجحد أحسن، فيكون معنى الكلام: إنك لمن المرسلين إلى قوم لم ينذر آباؤهم، لأنهم كانوا في الفترة.
وقال بعض نحويي الكوفة: إذا لم يُرد بما الجحد، فإن معنى الكلام: لتنذرهم بما أنذر آباؤهم، فتلقى الباء، فتكون " ما " في موضع نصب ( فَهُمْ غَافِلُونَ ) يقول: فهم غافلون عما الله فاعل: بأعدائه المشركين به، من إحلال نقمته، وسطوته بهم.
------------------------
الهوامش:
(1) أي لم ينذر آباؤهم

تفسير لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)

وقوله ( لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) يقول تعالى ذكره: لقد وجب العقاب على أكثرهم، لأن الله قد حتم عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون بالله، ولا يصدقون رسوله.