تفسير سورة النساء الآية 41 تفسير الطبري

تفسير سورة النساء الآية 41 بواسطة تفسير الطبري هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مدنية وجاء ترتيبها 4 في المصحف الكريم وعدد آياتها 176.

تفسير آيات سورة النساء

من
إلى
المفسرون

تفسير فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)

القول في تأويل قوله : فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا (41)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إنّ الله لا يظلم عباده مثقال ذرّة، فكيف بهم =" إذا جئنا من كل أمة بشهيد "، يعني: بمن يشهد عليها بأعمالها، وتصديقها رسلَها أو تكذيبها =" وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا "، (36) يقول: وجئنا بك، يا محمد، =" على هؤلاء "، أي: على أمتك =" شهيدًا ". يقول شاهدًا، كما:-
9515 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا "، قال: إن النبيين يأتون يوم القيامة، منهم من أسلم معه من قومه الواحدُ والاثنان والعَشَرة، وأقلُّ وأكثر من ذلك، حتى يُؤتى بقوم لوط صلى الله عليه وسلم، لم يؤمن معه إلا ابنتاه، فيقال لهم: هل بلَّغتم ما أرسلتُمْ به؟ فيقولون: نعم. فيقال: من يشهد، فيقولون: أمة محمد صلى الله عليه وسلم! فيقال لهم: اشهدوا، إنّ الرسل أودعوا عندكم شهادة، (37) فبم تشهدون؟ فيقولون: ربنا نَشهد أنهم قد بلغوا = كما شهدوا في الدنيا بالتبليغ. فيقال: من يشهد على ذلك؟ فيقولون: محمد صلى الله عليه وسلم. فيدعى محمد عليه السلام، فيشهدُ أن أمته قد صدَّقوا، وأنّ الرسل قد بلَّغوا، فذلك قوله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [سورة البقرة: 143].
9516 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قوله: " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد "، قال: رسولها، فيشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله الله به إليهم =" وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا "، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتَى عليها فاضت عيناه.
9517 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسن، عن يزيد النحوي، عن عكرمة في قوله: وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ [سورة البروج: 3]، قال: الشاهد محمد، والمشهود يوم الجمعة. فذلك قوله: " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا ".
9518 - حدثني عبد الله بن محمد الزهري قال، حدثنا سفيان، عن المسعودي، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه، عن عبد الله: " فكيف إذا جئنا منْ كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا "، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ . (38)
9519 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن المسعودي، عن القاسم: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود: اقرأ علي. قال، أقرأ عليك، وعليك أنـزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. قال: فقرأ ابن مسعود " النساء " حتى بلغ: " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا "، قال: استعبر النبي صلى الله عليه وسلم، وكفّ ابن مسعود = = قال المسعودي، فحدثني جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " شهيدًا عليهم ما دمت فيهم، فإذا توفيتني كنت أنت الرقيبَ عليهم، وأنتَ على كل شيء شهيد ". (39)
------------------
الهوامش :
(36) انظر تفسير"الشهيد" فيما سلف 1: 376-378 / 3: 97 ، 145 / 6: 60 ، 75 / ...
(37) في المطبوعة: "أتشهدون أن الرسل" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(38) الحديث: 9518 - سفيان: هو ابن عيينة.
المسعودي -هنا-: هو معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود. وهو ثقة. أخرج له الشيخان. وترجمه البخاري في الكبير 4 / 1 / 390 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 277.
"جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي": ثقة. ترجمه البخاري 1 / 2 / 193 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 484.
أبوه"عمرو بن حريث": صحابي.
وهذا الحديث -على صحة إسناده - لم أجده من غير رواية الطبري. وابن كثير لم ينسبه لغيره 2: 453 ، وكذلك السيوطي 2: 164.
وانظر الحديث الذي بعده.
والآية ، تضمين لآية سورة المائدة 117.
(39) الحديث: 9519 - إبراهيم بن أبي الوزير - واسم أبي الوزير: عمر - بن مطرف المكي ، مولى بني هاشم: ثقة ، وثقه محمد بن بشار وغيره. مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 1 / 333 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 114-115.
وهذا الحديث في الحقيقة حديثان:
أولهما: رواية المسعودي - معن بن عبد الرحمن - عن القاسم. والظاهر أن القاسم هذا: هو أخوه"القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود". وهو تابعي ثقة. ولكنه لم يدرك أن يروي عن جده"عبد الله بن مسعود" ، ولم يذكر هنا أنه"عن ابن مسعود" - حتى يكون إسنادًا منقطعًا. فهو حديث مرسل.
ولكن هذا الحديث الأول منهما ثابت صحيح بالأسانيد المتصلة. فقد رواه البخاري 9: 81 (فتح) ، من طريق الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله. وكذلك رواه أحمد في المسند: 3606 ، 4118 ، من طريق الأعمش ، به. ورواه أحمد أيضًا: 3550 ، من رواية أبي حيان الأشجعي ، عن ابن مسعود ، و : 3551 ، من طريق أبي رزين ، عن ابن مسعود.
ونقله ابن كثير في فضائل القرآن ، ص: 77 ، عن البخاري. ثم قال: "وقد رواه الجماعة إلا ابن ماجه ، من طرق ، عن الأعمش. وله طرق يطول بسطها".
ونقله في التفسير 2: 452-453 ، عن البخاري أيضًا. ثم قال: "وقد روى من طرق متعددة عن ابن مسعود. فهو مقطوع به. ورواه أحمد من طريق أبي حيان ، وأبي رزين ، عنه".
ونقله السيوطي 2: 163 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الدلائل.
وثانيهما: رواية المسعودي ، عن جعفر بن عمرو بن حريث ، عن أبيه. وهذا مكرر للحديث السابق: 9518 ، ولكنه جعله هنا من حديث عمرو بن حريث ، لم يذكر فيه روايته عن ابن مسعود. فيكون مرسل صحابي. فهو صحيح بكل حال.
وقد رواه الحاكم في المستدرك 3: 319 ، من طريق جعفر بن عون ، عن المسعودي ، عن جعفر بن عمرو بن حريث ، عن أبيه - مطولا - بقصة قراءة ابن مسعود هذه الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن فيه النص الذي هنا"شهيدًا عليهم ما دمت فيهم...". فأصل الحديث صحيح ثابت. ولذلك قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
ونقل السيوطي 2: 163 رواية الحاكم ، مختصرة قليلا ، ولم ينسبها لغيره.