تفسير سورة الذاريات الآية 17 تفسير الطبري

تفسير سورة الذاريات الآية 17 بواسطة تفسير الطبري هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 51 في المصحف الكريم وعدد آياتها 60.

تفسير آيات سورة الذاريات

من
إلى
المفسرون

تفسير كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)

القول في تأويل قوله تعالى : كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال بعضهم: معناه كانوا قليلا من الليل لا يهجعون, وقالوا: " مَا " بمعنى الجحد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا ثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عديّ, عن سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, عن أنس بن مالك ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: يتيقظون يصلون ما بين هاتين الصلاتين, ما بين المغرب والعشاء.
حدثني زريق بن الشحب, قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن أنس, بنحوه.
حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا ثنا أبو داود, قال: ثنا بكير بن أبي السمط, عن قتادة, عن محمد بن عليّ, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة.
قالا ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن قتادة, عن مطرف, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قلّ ليلة أتت عليهم إلا صلوا فيها.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال مطرف بن عبد الله في قوله : ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قل ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها لله. إما من أوّلها, وإما من وسطها.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, قال: ثنا ابن أبي ليلى, عن المنهال, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال لم يكن يمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئا.
قال: ثنا ابن يمان, عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, قال: كانوا يصيبون فيها حظا.
حدثني عليّ بن سعيد الكنديّ, قال: ثنا حفص بن عاصم, عن أبي العالية, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: لا ينامون بين المغرب والعشاء.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا حكام ومهران, عن أبي جعفر, عن الربيع ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا يصيبون من الليل حظا.
حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن سعيد بن أبي عروبة, عن مطرّف, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قلّ ليلة أتت عليهم هجعوها كلها.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كان لهم قليل من الليل ما يهجعون, كانوا يصلونه.
حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: سمعت ابن أبي نجيح, يقول في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا قليلا ما ينامون ليلة حتى الصباح.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قليل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كانوا قليلا من الليل يهجعون, ووجهوا " مَا "- التي في قوله ( مَا يَهْجَعُونَ ) إلى أنها صلة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن قتادة, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قال الحسن: كابدوا قيام الليل.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: كان الحسن يقول: لا ينامون منه إلا قليلا.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن بعض أصحابنا, عن الحسن, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: لا ينامون من الليل إلا أقله.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا عوف, عن سعيد بن أبي الحسن, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قلَّ ليلة أتت عليهم هجوعا.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال الأحنف بن قيس, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا لا ينامون إلا قليلا.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا الحكم بن عطية, عن قتادة, قال: قال الأحنف بن قَيس, وقرأ هذه الآية ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: لست من أهل هذه الآية.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن سعيد, عن قتادة, عن الحسن, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قيام الليل.
حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن يونس, عن الحسن, قال: نشطوا فمدّوا إلى السحر.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن يونس بن عبيد, عن الحسن, قال: مدّوا في الصلاة ونشطوا, حتى كان الاستغفار بسحر.
قال: ثنا مهران, عن سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, عن الحسن قال: كانوا لا ينامون من الليل إلا قليلا.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كان الحسن والزهري يقولان: كانوا كثيرا من الليل ما يصلون. وقد يجوز أن تكون " مَا " . على هذا التأويل في موضع رفع, ويكون تأويل الكلام: كانوا قليلا من الليل هجوعهم; وأما من جعل " مَا " صلة, فإنه لا موضع لها; ويكون تأويل الكلام على مذهبه كانوا يهجعون قليل الليل, وإذا كانت " مَا " صلة كان القليل منصوبا بيهجعون.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: ما ينامون.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كانوا يصلون العتمة, وعلى هذا التأويل ( مَا ) في معنى الجحد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن قتادة, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: قال رجل من أهل مكة: سماه قتادة, قال: صلاة العتمة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كان هؤلاء المحسنون قبل أن تفرض عليهم الفرائض قليلا من الناس, وقالوا الكلام بعد قوله إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كانوا قليلا مستأنف بقوله ( مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) فالواجب أن تكون " مَا " على هذا التأويل بمعنى الجحد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا عبيد, عن الضحاك, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) يقول: إن المحسنين كانوا قليلا ثم ابتدئ فقيل ( مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) كما قال وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ثم قال : وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ .
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الزبير, عن الضحاك بن مزاحم ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا من الناس قليلا.
حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن الزبير بن عديّ, عن الضحاك بن مزاحم, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا قليلا من الناس من يفعل ذلك.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الزبير بن عديّ, عن الضحاك بن مزاحم ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا قليلا من الناس إذ ذاك.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال الله إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ... إلى مُحْسِنِينَ كانوا قليلا يقول: المحسنون كانوا قليلا هذه مفصولة, ثم استأنف فقال ( مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) .
وأما قوله ( يَهْجَعُونَ ) فإنه يعني: ينامون, والهجوع: النوم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) يقول: ينامون.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: ينامون.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن إبراهيم, مثله.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) الهجوع: النوم.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا قليلا ما ينامون من الليل, قال: ذاك الهجع. قال: والعرب تقول: إذا سافرت اهجع بنا قليلا. قال: وقال رجل من بني تميم لأبي: يا أبا أسامة صفة لا أجدها فينا, ذكر الله تبارك وتعالى قوما فقال : ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم; قال: فقال أبي طُوبى لمن رقد إذا نعس; وألقى الله إذا استيقظ.
وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله ( كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قول من قال: كانوا قليلا من الليل هجوعهم, لأن الله تبارك وتعالى وصفهم بذلك مدحا لهم, وأثنى عليهم به, فوصفهم بكثرة العمل, وسهر الليل, ومكابدته فيما يقربهم منه ويرضيه عنهم أولى وأشبه من وصفهم من قلة العمل, وكثرة النوم, مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنـزيل.