القول في تأويل قوله تعالى : وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) اختلف أهل التأويل في معنى النجم في هذا الموضع، مع إجماعهم على أن الشجر ما قام على ساق، فقال بعضهم: عني بالنجم في هذا الموضع من النبات: ما نجم من الأرض، مما ينبسط عليها، ولم يكن على ساق مثل البقل ونحوه. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَالنَّجْمِ ) قال: ما يُبسط على الأرض. حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( وَالنَّجْمِ ) قال: النجم كل شيء ذهب مع الأرض فرشا، قال: والعرب تسمي الثبل نجما. حدثني محمد بن خلف العسقلانيّ، قال: ثنا رَوّاد بن الجرّاح، عن شريك، عن السديّ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال: النجم: نبات الأرض. حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَالنَّجْمِ ) قال: النجم: الذي ليس له ساق. وقال آخرون: عُنِي بالنجم في هذا الموضع: نجم السماء. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( وَالنَّجْمِ ) قال: نجم السماء. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( وَالنَّجْمِ ) يعني: نجم السماء. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال: إنما يريد النجم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، نحوه. وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي بالنجم: ما نجم من الأرض من نبت لعطف الشجر عليه، فكان بأن يكون معناه لذلك: ما قام على ساق وما لا يقوم على ساق يسجدان لله، بمعنى: أنه تسجد له الأشياء كلها المختلفة الهيئات من خلقه، أشبه وأولى بمعنى الكلام من غيره. وأما قوله: ( وَالشَّجَرُ ) فإن الشجر ما قد وصفت صفته قبل. وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال: الشجر: كل شيء قام على ساق. حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( وَالشَّجَرُ ) قال: الشجر: كلّ شيء قام على ساق. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( وَالشَّجَرُ ) قال: الشجر: شجر الأرض. حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال: الشجر الذي له سُوق. وأما قوله: ( يَسْجُدَانِ ) فإنه عُنِي به سجود ظلهما، كما قال جلّ ثناؤه وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ . كما حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا تميم بن عبد المؤمن، عن زبرقان، عن أبي رزين وسعيد ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قالا ظلهما سجودهما. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوام، عن قتادة ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) : ما نـزل من السماء شيئا من خلقه إلا عَبَّده له طوعا وكرها. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، وهو قول قتادة. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال: يسجد بكرة وعشيا. وقيل: ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) فثنى وهو خبر عن جمعين . وقد زعم الفراء أن العرب إذا جمعت الجمعين من غير الناس مثل السدر والنخل، جعلوا فعلهما واحدا، فيقولون الشاء والنعم قد أقبل، والنخل والسدر قد ارتوى، قال: وهذا أكثر كلامهم، وتثنيته جائزة.