تفسير سورة المرسلات تفسير الطبري

تفسير سورة المرسلات بواسطة تفسير الطبري هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 77 في المصحف الكريم وعدد آياتها 50.

تفسير آيات سورة المرسلات

من
إلى
المفسرون

تفسير وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1)

اختلف أهل التأويل في معنى قول الله: ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) فقال بعضهم: معنى ذلك: والرياح المرسلات يتبع بعضها بعضا، قالوا: والمرسَلات: هي الرياح.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا المحاربي، عن المسعودي، عن سَلَمة بن كهَيل، عن أبي العُبيدين أنه سأل ابن مسعود فقال: ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال: الريح.
حدثنا خلاد بن أسلم، قال: ثنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا المسعودي، عن سَلَمة بن كهيل، عن أبي العُبيدين أنه سأل عبد الله بن مسعود، فذكر نحوه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم، عن أبي العُبيدين، قال: سألت عبد الله بن مسعود، فذكر نحوه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) يعني: الريح.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبيد الله بن معاذ، قال: ثني أبي، عن شعبة، عن إسماعيل السدي، عن أبي صالح صاحب الكلبي في قوله: ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال: هي الرياح.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال: الريح.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن سَلَمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن أبي العُبيدين، قال: سألت عبد الله عن ( المُرْسَلاتِ عُرْفا ) قال: الريح.
ثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال: هي الريح.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: والملائكة التي تُرسَل بالعرف.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، قال: كان مسروق يقول في المرسلات: هي الملائكة.
حدثنا إسرائيل بن أبي إسرائيل، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: ثنا شعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضحى، عن مسروق، عن عبد الله في قوله: ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال: الملائكة.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا جابر بن نوح ووكيع عن إسماعيل، عن أبي صالح في قوله: ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال: هي الرسل ترسل بالعُرف.
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري، قال: ثنا محمد بن يزيد، عن إسماعيل، قال: سألت أبا صالح عن قوله: ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال: هي الرسل ترسل بالمعروف؛ قالوا: فتأويل الكلام: والملائكة التي أرسلت بأمر الله ونهيه، وذلك هو العرف.
وقال بعضهم: عُني بقوله ( عُرْفا ) : متتابعا كعرف الفرس، كما قالت العرب: الناس إلى فلان عرف واحد، إذا توجهوا إليه فأكثروا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثت عن داود بن الزبرقان، عن صالح بن بريدة، في قوله: ( عُرْفا ) قال: يتبع بعضها بعضا.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا، وقد ترسل عُرْفا الملائكة، وترسل كذلك الرياح، ولا دلالة تدلّ على أن المعنيّ بذلك أحد الحِزْبين دون الآخر، وقد عمّ جلّ ثناؤه بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصف، فكلّ من كان صفته كذلك، فداخل في قسمه ذلك مَلَكا أو ريحا أو رسولا من بني آدم مرسلا.

تفسير فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2)

وقوله: ( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ) يقول جلّ ذكره: فالرياح العاصفات عصفا، يعني: الشديدات الهبوب السريعات الممرّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن خالد، عن عُرْعرة أن رجلا قام إلى عليّ رضي الله عنه، فقال: ما العاصفات عصفا؟ قال: الريح.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا المحاربي، عن المسعودي، عن سَلَمة بن كهيل، عن أبي العُبيدين أنه سأل عبد الله بن مسعود، فقال: ما العاصفات عصفا؟ قال: الريح.
حدثنا خلاد بن أسلم، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا المسعودي، عن سلمة بن كهيل، عن أبي العُبيدين، عن عبد الله، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن أبي العُبيدين قال: سألت عبد الله بن مسعود، فذكر مثله.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن أبي العُبيدين، قال: سألت عبد الله، فذكر مثله.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: ( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ) قال: الريح.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا جابر بن نوح، عن إسماعيل، عن أبي صالح ( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ) قال: هي الرياح.
حدثنا عبد الحميد بن بَيَان، قال: أخبرنا محمد بن يزيد، عن إسماعيل قال: سألت أبا صالح عن قوله: ( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ) قال: هي الرياح.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبيد الله بن معاذ، قال: ثني أبي، عن شعبة، عن إسماعيل السدي عن أبي صالح صاحب الكلبي، في قوله: ( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ) قال: هي الرياح.
حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: ثنا أبو معاوية الضرير وسعيد بن محمد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: ( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ) قال: هي الريح.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل، عن أبي صالح، مثله.
قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن خالد بن عُرْعرة، عن عليّ رضي الله عنه ( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ) قال: الريح.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ) قال: الرياح.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.

تفسير وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3)

وقوله: ( وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: عُني بالناشرات نَشْرًا: الريح.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا المحاربي، عن المسعودي، عن سَلَمة بن كهيل، عن أبي العُبيدين أنه سأل ابن مسعود عن ( النَّاشِرَاتِ نَشْرًا ) قال: الريح.
حدثنا خلاد بن أسلم، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا المسعودي، عن سَلَمة بن كهيل، عن أبي العُبيدين، عن ابن مسعود، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم، عن أبي العُبيدين، قال: سألت عبد الله بن مسعود، فذكر مثله.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن سَلَمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن أبي العُبيدين، قال: سألت عبد الله، فذكر مثله.
قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ) قال: الريح.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبيد الله بن معاذ، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن إسماعيل السدي، عن أبي صالح صاحب الكلبي، في قوله: ( وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ) قال: هي الرياح.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ) قال: الرياح.
وقال آخرون: هي المطر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: ثنا محمد بن يزيد، عن إسماعيل، قال: سألت أبا صالح، عن قوله: ( وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ) قال المطر.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا جابر بن نوح، عن إسماعيل، عن أبي صالح ( وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ) قال: هي المطر.
قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل، عن أبي صالح، مثله.
وقال آخرون: بل هي الملائكة التي تنشرُ الكتب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أحمد بن هشام، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي صالح ( وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ) قال: الملائكة تنشرُ الكتب.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أقسم بالناشرات نشرا، ولم يَخْصُص شيئا من ذلك دون شيء، فالريح تنشر السحاب، والمطر ينشر الأرض، والملائكة تنشر الكتب، ولا دلالة من وجه يجب التسليم له على أن المراد من ذلك بعض دون بعض، فذلك على كل ما كان ناشرا.

تفسير فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4)

وقوله: ( فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ) اختلف أهل التأويل في معناه، فقال بعضهم: عُنِي: بذلك: الملائكة التي تفرق بين الحق والباطل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا جابر بن نوح، عن إسماعيل، عن أبي صالح ( فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ) قال: الملائكة.
قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل، عن أبي صالح ( فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ) قال: الملائكة.
قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل، مثله.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ) قال: الملائكة.
وقال آخرون: بل عُنِي بذلك القرآن.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ) يعني القرآن ما فرق الله فيه بين الحقّ والباطل.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالفارقات، وهي الفاصلات بين الحق والباطل، ولم يخصص بذلك منهنّ بعضا دون بعض، فذلك قَسَم بكلّ فارقة بين الحقّ والباطل، مَلَكا كان أو قرآنا، أو غير ذلك.

تفسير فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5)

وقوله: ( فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ) يقول: فالمبلِّغات وحي الله رسله، وهي الملائكة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ) يعني: الملائكة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ) قال: هي الملائكة تلقي الذكر على الرسل وتبلغه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ) قال: الملائكة تلقي القرآن.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ) قال: الملائكة.

تفسير عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6)

وقوله: ( عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ) يقول تعالى ذكره: فالملقيات ذكرا إلى الرسل إعذارا من الله إلى خلقه، وإنذارا منه لهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ) قال: عذرًا من الله، ونُذْرا منه إلى خلقه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ): عذرا لله على خلقه، ونذرًا للمؤمنين ينتفعون به، ويأخذون به.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ) يعني: الملائكة.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والشام وبعض المكيين وبعض الكوفيين: ( عُذْرًا ) بالتخفيف، أو نُذْرا بالتثقيل: وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة وبعض البصريين بتخفيفهما، وقرأه آخرون من أهل البصرة بتثقيلهما والتخفيف فيهما أعجب إليّ وإن لم أدفع صحة التثقيل لأنهما مصدران بمعنى الإعذار والإنذار.

تفسير إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7)

يقول تعالى ذكره: والمرسلات عرفا، إن الذي توعدون أيها الناس من الأمور لواقع، وهو كائن لا محالة، يعني بذلك يوم القيامة، وما ذكر الله أنه أعدّ لخلقه يومئذ من الثواب والعذاب.