تفسير سورة الكافرون الآية 6 تفسير ابن كثير

تفسير سورة الكافرون الآية 6 بواسطة تفسير ابن كثير هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 109 في المصحف الكريم وعدد آياتها 6.

تفسير آيات سورة الكافرون

من
إلى
المفسرون

تفسير لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)

قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لكم دينكم ولي دين ) كما قال تعالى : ( وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) [ يونس : 41 ] وقال : ( لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) [ القصص : 55 ] .
وقال البخاري : يقال : ( لكم دينكم ) الكفر ( ولي دين ) الإسلام . ولم يقل : " ديني " لأن الآيات بالنون ، فحذف الياء ، كما قال : ( فهو يهدين ) [ الشعراء : 78 ] و ( يشفين ) [ الشعراء : 80 ] وقال غيره : لا أعبد ما تعبدون الآن ، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري ، ولا أنتم عابدون ما أعبد ، وهم الذين قال : ( وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا ) [ المائدة : 64 ] .
انتهى ما ذكره .
ونقل ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد ، كقوله : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) [ الشرح : 5 ، 6 ] وكقوله : ( لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ) التكاثر : 6 ، 7 ] وحكاه بعضهم - كابن الجوزي ، وغيره - عن ابن قتيبة ، فالله أعلم . فهذه ثلاثة أقوال : أولها ما ذكرناه أولا . الثاني : ما حكاه البخاري وغيره من المفسرين أن المراد : ( لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ) في الماضي ( ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد ) في المستقبل . الثالث : أن ذلك تأكيد محض .
وثم قول رابع ، نصره أبو العباس بن تيمية في بعض كتبه ، وهو أن المراد بقوله : ( لا أعبد ما تعبدون ) نفي الفعل لأنها جملة فعلية ( ولا أنا عابد ما عبدتم ) نفي قبوله لذلك بالكلية ; لأن النفي بالجملة الاسمية آكد فكأنه نفى الفعل ، وكونه قابلا لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضا . وهو قول حسن أيضا ، والله أعلم .
وقد استدل الإمام أبو عبد الله الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة : ( لكم دينكم ولي دين ) على أن الكفر كله ملة واحدة تورثه اليهود من النصارى ، وبالعكس ; إذا كان بينهما نسب أو سبب يتوارث به ; لأن الأديان - ما عدا الإسلام - كلها كالشيء الواحد في البطلان . وذهب أحمد بن حنبل ومن وافقه إلى عدم توريث النصارى من اليهود وبالعكس ; لحديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يتوارث أهل ملتين شتى " .
آخر تفسير سورة " قل يا أيها الكافرون " ولله الحمد والمنة .