تفسير سورة فصلت الآية 32 تفسير ابن كثير

تفسير سورة فصلت الآية 32 بواسطة تفسير ابن كثير هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 41 في المصحف الكريم وعدد آياتها 54.

تفسير آيات سورة فصلت

من
إلى
المفسرون

تفسير نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)

( نزلا من غفور رحيم ) أي : ضيافة وعطاء وإنعاما من غفور لذنوبكم ، رحيم بكم رءوف ، حيث غفر ، وستر ، ورحم ، ولطف .
وقد ذكر ابن أبي حاتم هاهنا حديث سوق الجنة عند قوله تعالى : ( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ) ، فقال :
حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين أبي سعيد ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني حسان بن عطية ، عن سعيد بن المسيب : أنه لقي أبا هريرة [ رضي الله عنه ] فقال أبو هريرة : نسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة . فقال سعيد : أوفيها سوق ؟ قال : نعم ، أخبرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل الجنة إذا دخلوا فيها ، نزلوا بفضل أعمالهم ، فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة في أيام الدنيا فيزورون الله ، عز وجل ، ويبرز لهم عرشه ، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ، وتوضع لهم منابر من نور ، ومنابر من لؤلؤ ، ومنابر من ياقوت ، ومنابر من زبرجد ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من فضة ، ويجلس [ فيه ] أدناهم وما فيهم دنيء على كثبان المسك والكافور ، ما يرون بأن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا .
قال أبو هريرة : قلت : يا رسول الله ، وهل نرى ربنا [ يوم القيامة ] ؟ قال : " نعم هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر ؟ " قلنا : لا . قال - صلى الله عليه وسلم - : " فكذلك لا تتمارون في رؤية ربكم تعالى ، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة ، حتى إنه ليقول للرجل منهم : يا فلان بن فلان ، أتذكر يوم عملت كذا وكذا ؟ - يذكره ببعض غدراته في الدنيا - فيقول : أي رب ، أفلم تغفر لي ؟ فيقول : بلى فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه . قال : فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم ، فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط " . قال : ثم يقول ربنا - عز وجل - : قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة ، وخذوا ما اشتهيتم " . قال : " فنأتي سوقا قد حفت به الملائكة ، فيها ما لم تنظر العيون إلى مثله ، ولم تسمع الآذان ، ولم يخطر على القلوب . قال : فيحمل لنا ما اشتهينا ، ليس يباع فيه شيء ولا يشترى ، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا " . قال : " فيقبل الرجل ذو المنزلة الرفيعة ، فيلقى من هو دونه - وما فيهم دنيء فيروعه ما يرى عليه من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه ; وذلك لأنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها .
ثم ننصرف إلى منازلنا ، فيتلقانا أزواجنا فيقلن : مرحبا وأهلا بحبنا ، لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه . فيقول : إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار - عز وجل - وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به " .
وقد رواه الترمذي في " صفة الجنة " من جامعه ، عن محمد بن إسماعيل ، عن هشام بن عمار ، ورواه ابن ماجه عن هشام بن عمار ، به نحوه . ثم قال الترمذي : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " . قلنا يا رسول الله كلنا نكره الموت ؟ قال : " ليس ذلك كراهية الموت ، ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله بما هو صائر إليه ، فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله فأحب الله لقاءه " قال : " وإن الفاجر - أو الكافر - إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر - أو : ما يلقى من الشر - فكره لقاء الله فكره الله لقاءه " .
وهذا حديث صحيح ، وقد ورد في الصحيح من غير هذا الوجه .