تفسير سورة الأحقاف الآية 35 تفسير ابن كثير

تفسير سورة الأحقاف الآية 35 بواسطة تفسير ابن كثير هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 46 في المصحف الكريم وعدد آياتها 35.

تفسير آيات سورة الأحقاف

من
إلى
المفسرون

تفسير فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)

( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) أي : على تكذيب قومهم لهم . وقد اختلفوا في تعداد أولي العزم على أقوال ، وأشهرها أنهم : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، وخاتم الأنبياء كلهم محمد - صلى الله عليه وسلم - قد نص الله على أسمائهم من بين الأنبياء في آيتين من سورتي " الأحزاب " و " الشورى " ، وقد يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل ، وتكون ) من ) في قوله : ( من الرسل ) لبيان الجنس ، والله أعلم . وقد قال ابن أبي حاتم :
حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي ، حدثنا السري بن حيان ، حدثنا عباد بن عباد ، حدثنا مجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : قالت لي عائشة [ رضي الله عنها ] : ظل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائما ثم طواه ، ثم ظل صائما ثم طواه ، ثم ظل صائما ، [ ثم ] قال : " يا عائشة ، إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد . يا عائشة ، إن الله لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن محبوبها ، ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم ، فقال : ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) وإني - والله - لأصبرن كما صبروا جهدي ، ولا قوة إلا بالله "
( ولا تستعجل لهم ) أي : لا تستعجل لهم حلول العقوبة بهم ، كقوله : ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا ) [ المزمل : 11 ] ، وكقوله ( فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ) [ الطارق : 17 ] .
( كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ) ، كقوله ( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ) [ النازعات : 46 ] ، وكقوله ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ) [ يونس : 45 ] ، [ وحاصل ذلك أنهم استقصروا مدة لبثهم في الدنيا وفي البرزخ حين عاينوا يوم القيامة وشدائدها وطولها ] .
وقوله : ( بلاغ ) قال ابن جرير : يحتمل معنيين ، أحدهما : أن يكون تقديره : وذلك لبث بلاغ . والآخر : أن يكون تقديره : هذا القرآن بلاغ .
وقوله : ( فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ) أي : لا يهلك على الله إلا هالك ، وهذا من عدله تعالى أنه لا يعذب إلا من يستحق العذاب .
آخر تفسير سورة الأحقاف .