تفسير
الم
(1)
الم
"تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين"، قال مقاتل: لا شك فيه أنه تنزيل من رب العالمين.
( أم يقولون ) بل يقولون ) ( افتراه ) وقيل الميم صلة ، أي : أيقولون افتراه ؟ استفهام توبيخ . وقيل : " أم " بمعنى الواو ، أي : ويقولون افتراه . وقيل : فيه إضمار ، مجازه فهل يؤمنون ، أم يقولون افتراه ، ثم قال : ) ( بل هو ) يعني القرآن ( الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم ) أي : لم يأتهم ( من نذير من قبلك ) قال قتادة : كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - . وقال ابن عباس ، ومقاتل : ذلك في الفترة التي كانت بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما ) ( لعلهم يهتدون )
"الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون".
( يدبر الأمر ) أي : يحكم الأمر وينزل القضاء والقدر ( من السماء إلى الأرض ) وقيل : ينزل الوحي مع جبريل من السماء إلى الأرض ) ( ثم يعرج ) يصعد ) ( إليه ) جبريل بالأمر ( في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) أي : في يوم واحد من أيام الدنيا وقدر مسيرة ألف سنة ، خمسمائة نزوله ، وخمسمائة صعوده ، لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة عام ، يقول : لو سار فيه أحد من بني آدم لم يقطعه إلا في ألف سنة ، والملائكة يقطعون في يوم واحد ، هذا في وصف عروج الملك من الأرض إلى السماء ، وأما قوله : " تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " ( المعارج - 4 ) ، أراد مدة المسافة بين الأرض إلى سدرة المنتهى التي هي مقام جبريل ، يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا . هذا كله معنى قول مجاهد والضحاك وقوله : " إليه " أي : إلى الله . وقيل : على هذا التأويل ، أي : إلى مكان الملك الذي أمره الله - عز وجل - أن يعرج إليه .
وقال بعضهم : ألف سنة وخمسون ألف سنة كلها في القيامة ، يكون على بعضهم أطول وعلى بعضهم أقصر ، معناه : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا ، ثم يعرج أي : يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا ، وانقطاع أمر الأمراء وحكم الحكام في يوم كان مقداره ألف سنة ، وهو يوم القيامة ، وأما قوله : " خمسين ألف سنة " فإنه أراد على الكافر يجعل الله ذلك اليوم عليه مقدار خمسين ألف سنة ، وعلى المؤمن دون ذلك حتى جاء في الحديث : " أنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا " . وقال إبراهيم التيمي : لا يكون على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر .
ويجوز أن يكون هذا إخبارا عن شدته وهوله ومشقته . وقال ابن أبي مليكة : دخلت أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان على ابن عباس فسأله ابن فيروز عن هذه الآية وعن قوله خمسين ألف سنة ؟ فقال له ابن عباس : أيام سماها الله لا أدري ما هي وأكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم .
( ذلك عالم الغيب والشهادة ) يعني : ذلك الذي صنع ما ذكره من خلق السماوات والأرض عالم ما غاب عن الخلق وما حضر ) ( العزيز الرحيم )
( الذي أحسن كل شيء خلقه ) قرأ نافع وأهل الكوفة : " خلقه " بفتح اللام على الفعل وقرأ الآخرون بسكونها ، أي : أحسن خلق كل شيء ، قال ابن عباس : أتقنه وأحكمه . قال قتادة : حسنه . وقال مقاتل : علم كيف يخلق كل شيء ، من قولك : فلان يحسن كذا إذا كان يعلمه . وقيل : خلق كل حيوان على صورته لم يخلق البعض على صورة البعض ، فكل حيوان كامل في خلقه حسن ، وكل عضو من أعضائه مقدر بما يصلح به معاشه . ( وبدأ خلق الإنسان من طين ) يعني آدم .