مكية
( الحاقة ) يعني القيامة سميت حاقة لأنها حقت فلا كاذبة لها . وقيل لأن فيها حواق الأمور وحقائقها ولأن فيها يحق الجزاء على الأعمال ، أي يجب يقال : حق عليه الشيء إذا وجب يحق [ حقوقا ] قال الله تعالى : " ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين " ( الزمر - 71 ) قال الكسائي : " الحاقة " يوم الحق .
( ما الحاقة ) هذا استفهام معناه التفخيم لشأنها كما يقال : زيد ما زيد على التعظيم لشأنه .
( وما أدراك ما الحاقة ) أي أنك لا تعلمها إذ لم تعاينها ولم تر ما فيها من الأهوال .
( كذبت ثمود وعاد بالقارعة ) قال ابن عباس وقتادة : بالقيامة سميت قارعة لأنها تقرع قلوب العباد بالمخافة . وقيل : كذبت بالعذاب الذي أوعدهم نبيهم حتى نزل بهم فقرع قلوبهم .
( فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ) أي بطغيانهم وكفرهم . قيل : هي مصدر ، وقيل : نعت أي بفعلهم الطاغية وهذا معنى قول مجاهد ، كما قال : " كذبت ثمود بطغواها " ( الشمس - 11 ) وقال قتادة : بالصيحة الطاغية ، وهي التي جاوزت مقادير الصياح فأهلكتهم . وقيل : طغت على الخزان [ فلم يكن لهم عليها سبيل ولم يعرفوا كم خرج منها ] كما طغى الماء على قوم نوح .
"وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية"، عتت على خزانها فلم تطعهم ولم يكن لهم عليها سبيل، وجاوزت المقدار فلم يعرفوا كم خرج منها.
( سخرها عليهم ) أرسلها عليهم . وقال مقاتل : سلطها عليهم ( سبع ليال وثمانية أيام ) قال وهب : هي الأيام التي تسميها العرب أيام العجوز ، ذات برد ورياح شديدة . قيل : سميت عجوزا لأنها في عجز الشتاء . وقيل : سميت بذلك لأن عجوزا من قوم عاد دخلت سربا فتبعتها الريح ، فقتلتها اليوم الثامن من نزول العذاب وانقطع العذاب ( حسوما ) قال مجاهد وقتادة : متتابعة ليس لها فترة ، فعلى هذا فهو من حسم الكي وهو أن يتابع على موضع الداء بالمكواة حتى يبرأ ، ثم قيل لكل شيء توبع : حاسم وجمعه حسوم ، مثل شاهد وشهود ، وقال الكلبي ومقاتل : حسوما دائمة . وقال النضر بن شميل : حسمتهم قطعتهم وأهلكتهم ، والحسم : القطع والمنع ومنه حسم الداء . قال الزجاج : [ الذي توجبه الآية فعلى معنى ] تحسمهم حسوما تفنيهم وتذهبهم . وقال عطية : حسوما كأنها حسمت الخير عن أهلها ( فترى القوم فيها ) أي في تلك الليالي والأيام ( صرعى ) هلكى جمع صريع ( كأنهم أعجاز نخل خاوية ) ساقطة ، وقيل : خالية الأجواف .