تفسير سورة النازعات تفسير البغوي

تفسير سورة النازعات بواسطة تفسير البغوي هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 79 في المصحف الكريم وعدد آياتها 46.

تفسير آيات سورة النازعات

من
إلى
المفسرون

تفسير وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1)

مكية
( والنازعات غرقا ) يعني الملائكة تنزع أرواح الكفار من أجسادهم ، كما يغرق النازع في القوس فيبلغ بها غاية المد بعد ما نزعها حتى إذا كادت تخرج ردها في جسده فهذا عمله بالكفار ، و " الغرق " اسم أقيم مقام الإغراق ، أي : والنازعات إغراقا ، والمراد بالإغراق المبالغة في المد .
قال ابن مسعود : ينزعها ملك الموت [ وأعوانه ] من تحت كل شعرة ومن الأظافير وأصول القدمين [ ويرددها في جسده بعدما ينزعها ] حتى إذا كادت تخرج ردها في جسده بعدما ينزعها ، فهذا عمله بالكفار .
وقال مقاتل : ملك الموت وأعوانه ينزعون [ أرواح ] الكفار كما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبتل ، فتخرج نفسه كالغريق في الماء .
وقال مجاهد : هو الموت ينزع النفوس .
وقال السدي : هي النفس حين تغرق في الصدر
وقال الحسن وقتادة وابن كيسان : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق تطلع ثم تغيب . وقال عطاء وعكرمة : هي القسي . وقيل : الغزاة الرماة .

تفسير وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2)

( والناشطات نشطا ) [ هي ] الملائكة تنشط نفس المؤمن ، أي تحل حلا رفيقا فتقبضها ، كما ينشط العقال من يد البعير ، أي يحل برفق ، حكى الفراء هذا القول ، ثم قال : والذي سمعت من العرب أن يقولوا : أنشطت العقال ، إذا حللته ، وأنشطته : إذا عقدته بأنشوطة . وفي الحديث : " كأنما أنشط من عقال " .
وعن ابن عباس : هي نفس المؤمن تنشط للخروج عند الموت ، لما يرى من الكرامة لأنه تعرض عليه الجنة قبل أن يموت .
وقال علي بن أبي طالب : هي الملائكة تنشط أرواح الكفار مما بين الجلد والأظفار حتى تخرجها من أفواههم بالكرب والغم ، والنشط : الجذب والنزع ، يقال : نشطت الدلو نشطا إذا نزعتها قال الخليل : النشط والإنشاط مدك الشيء إلى نفسك ، حتى ينحل .
وقال مجاهد : هو الموت ينشط النفوس . وقال السدي : هي النفس تنشط من القدمين أي تجذب . وقال قتادة : هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق ، أي تذهب ، يقال : نشط من بلد إلى بلد ، إذا خرج في سرعة ، ويقال : حمار ناشط ، ينشط من بلد إلى بلد ، وقال عطاء وعكرمة : هي [ الأوهاق ] .

تفسير وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3)

( والسابحات سبحا ) هم الملائكة يقبضون أرواح المؤمنين يسلونها سلا رفيقا ، ثم يدعونها حتى تستريح كالسابح بالشيء في الماء يرفق به .
وقال مجاهد وأبو صالح : هم الملائكة ينزلون من السماء مسرعين كالفرس الجواد يقال له سابح إذا أسرع في جريه .
وقيل : هي خيل الغزاة . وقال قتادة : هي النجوم والشمس [ والقمر ] قال الله تعالى : " كل في فلك يسبحون " ( الأنبياء - 33 ) .
وقال عطاء : هي السفن .

تفسير فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4)

( فالسابقات سبقا ) قال مجاهد : هي الملائكة [ تسبق ] ابن آدم بالخير والعمل الصالح .
وقال مقاتل : هي الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة .
وعن ابن مسعود قال : هي أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين يقبضونها شوقا إلى لقاء الله وكرامته ، وقد عاينت السرور .
وقال قتادة : هي النجوم يسبق بعضها بعضا في السير . وقال عطاء : هي الخيل .

تفسير فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5)

( فالمدبرات أمرا ) قال ابن عباس : هم الملائكة وكلوا بأمور عرفهم الله - عز وجل - العمل بها .
قال [ عبد الرحمن ] بن سابط : يدبر [ الأمور ] في الدنيا أربعة : جبريل ، وميكائيل ، وملك الموت ، وإسرافيل ، عليهم السلام ، أما جبريل : فموكل بالريح والجنود ، وأما ميكائيل : فموكل بالقطر والنبات ، وأما ملك الموت : فموكل بقبض [ الأرواح ] وأما إسرافيل : فهو ينزل بالأمر عليهم .
وجواب هذه الأقسام محذوف ، على تقدير : لتبعثن ولتحاسبن .
وقيل : جوابه [ قوله ] " إن في ذلك لعبرة لمن يخشى " .
وقيل : فيه تقديم [ وتأخير ] تقديره : يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة والنازعات غرقا .

تفسير يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6)

قوله عز وجل: "يوم ترجف الراجفة"، يعني النفخة الأولى، يتزلزل ويتحرك لها كل شيء، ويموت منها جميع الخلائق.

تفسير تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)

( تتبعها الرادفة ) وهي النفخة الثانية ردفت الأولى وبينهما أربعون سنة .
قال قتادة : هما صيحتان فالأولى تميت كل شيء ، والأخرى تحيي كل شيء بإذن الله - عز وجل - .
وقال مجاهد : ترجف الراجفة تتزلزل الأرض والجبال ، تتبعها الرادفة حين تنشق السماء ، وتحمل الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة وقال عطاء : " الراجفة " القيامة و " الرادفة " البعث . وأصل الرجفة : الصوت والحركة .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك ، حدثنا محمد بن هارون الحضرمي ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا قبيصة بن عقبة ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبي بن كعب قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ربع الليل قام ، وقال : " يا أيها الناس اذكروا الله ، [ اذكروا الله ] جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه ، [ جاء الموت بما فيه ] " .