مكية
( ( سبح اسم ربك الأعلى ) [ يعني ] قل سبحان ربي الأعلى . وإلى هذا ذهب جماعة من الصحابة والتابعين .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسلم بن البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ " سبح اسم ربك الأعلى " فقال : " سبحان ربي الأعلى " .
وقال قوم : معناه نزه ربك الأعلى عما يصفه به الملحدون ، وجعلوا الاسم صلة . ويحتج بهذا من يجعل الاسم والمسمى واحدا ، لأن أحدا لا يقول : سبحان اسم الله ، وسبحان اسم ربنا ، إنما يقول : سبحان الله وسبحان ربنا ، فكان معنى سبح اسم ربك الأعلى : سبح ربك .
وقال آخرون : نزه تسمية ربك ، بأن تذكره وأنت له معظم ، ولذكره محترم [ ولأوامره مطاوع ] وجعلوا الاسم بمعنى التسمية .
وقال ابن عباس : سبح [ اسم ربك الأعلى ] أي : صل بأمر ربك الأعلى .
"الذي خلق فسوى"، قال الكلبي: خلق كل ذي روح، فسوى اليدين والرجلين والعينين. وقال الزجاج: خلق الإنسان مستوياً، ومعنى سوى: عدل قامته.
( والذي قدر فهدى ) قرأ الكسائي : " قدر " بتخفيف الدال ، وشددها الآخرون ، وهما بمعنى واحد .
وقال مجاهد : هدى الإنسان لسبيل الخير والشر ، والسعادة والشقاوة ، وهدى الأنعام لمراتعها .
وقال مقاتل والكلبي : قدر لكل شيء مسلكه ، " فهدى " عرفها كيف يأتي الذكر الأنثى .
وقيل : قدر الأرزاق وهدى لاكتساب الأرزاق والمعاش .
وقيل : خلق المنافع في الأشياء ، وهدى الإنسان لوجه استخراجها منها .
وقال السدي : قدر مدة الجنين في الرحم ثم هداه للخروج من الرحم .
قال الواسطي : قدر السعادة والشقاوة عليهم ، ثم يسر لكل واحد من الطائفتين سلوك [ سبيل ] ما قدر عليه .
( والذي أخرج المرعى ) أنبت العشب وما ترعاه [ النعم ] من بين أخضر وأصفر وأحمر وأبيض .
( فجعله ) بعد الخضرة ( غثاء ) هشيما باليا ، كالغثاء الذي تراه فوق السيل . ( أحوى ) أسود بعد الخضرة ، وذلك أن الكلأ إذا جف ويبس اسود .
"سنقرئك" سنعلمك بقراءة جبريل عليك، "فلا تنسى".
"إلا ما شاء الله" أن تنساه ، وما نسخ الله تلاوته من القرآن ، كما قال : " ما ننسخ من آية أو ننسها " ( البقرة - 106 ) والإنساء نوع من النسخ .
وقال مجاهد ، والكلبي : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه جبريل - عليه السلام - ، لم يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأولها ، مخافة أن ينساها ، فأنزل الله تعالى : " سنقرئك فلا تنسى " [ فلم ينس بعد ] ذلك شيئا . ( إنه يعلم الجهر ) من القول والفعل ( وما يخفى ) منهما ، والمعنى : أنه يعلم السر والعلانية .