تفسير سورة المزمل الآية 6 تفسير الطبري

تفسير سورة المزمل الآية 6 بواسطة تفسير الطبري هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 73 في المصحف الكريم وعدد آياتها 20.

تفسير آيات سورة المزمل

من
إلى
المفسرون

تفسير إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)

وقوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) يعني جلّ وعزّ بقوله: (إن ناشئة الليل): إن ساعات الليل، وكلّ ساعة من ساعات الليل ناشئة من الليل.
وقد اختلف أهل التأويل في ذلك.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا حاتم بن أبي صغيرة، قال: قلت لعبد الله بن أبي مليكة: ألا تحدثني أيّ الليل ناشئة ؟ قال: على الثبت سقطت، سألت عنها ابن عباس، فزعم أن الليل كله ناشئة، وسألت عنها ابن الزبير، فأخبرني مثل ذلك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عنبسة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل، قالوا: نشأ.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) نشأ: قام.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي مَيْسرة ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: نشأ: قام.
قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، قال: إذا قام الرجل من الليل، فهو ناشئة الليل.
حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة، في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: هو الليل كله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: إذا قمت الليل فهو ناشئة.
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قال: كلّ شيء بعد العشاء فهو ناشئة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: قيام الليل؛ قال: وأيّ ساعة من الليل قام فقد نشأ.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: أيّ الليل قمت فهو ناشئة.
قال: ثنا مهران، عن خارجة، عن أبي يونس حاتم بن أبى صغيرة، عن ابن أبي مُلَيكة، قال: سألت ابن عباس وابن الزبير عن ناشئة الليل فقالا كلّ الليل ناشئة، فإذا نشأت قائما فتلك ناشئة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: أيّ ساعة تَهَجَّدَ فيها متهجد من الليل.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) يعني الليل كله.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن أبي عامر الخزاز، ونافع عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: الليل كله.
قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الليل كله إذا قام يصلي فهو ناشئة.
وقال آخرون: بل ذلك ما كان بعد العشاء، فأما ما كان قبل العشاء فليس بناشئة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن سليمان التيميّ، عن أبي مِجْلَز، في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: ما بعد العشاء ناشئة.
قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أبو رجاء، في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: ما بعد العشاء الآخرة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: ناشئة الليل: ما كان بعد العشاء فهو ناشئة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال، قال، قال قتادة في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) قال: كلّ شيء بعد العشاء فهو ناشئة.
وقوله: ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) اختلفت قرّاء الأمصار في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء مكة والمدينة والكوفة ( أَشَدُّ وَطْئًا ) بفتح الواو وسكون الطاء. وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة ومكة والشام ( وِطاء ) بكسر الواو ومدّ الألف على أنه مصدر من قول القائل: واطأ اللسان القلب مواطأة ووِطاء.
والصواب من القول في ذلك عندنا انهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
ويعني بقوله: ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) ناشئة الليل أشد ثباتا من النهار وأثبت في القلب، وذلك أن العمل بالليل أثبت منه بالنهار. وحُكي عن العرب وَطِئنا الليل وطأ: إذا ساروا فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال من أهل التأويل من قرأه بفتح الواو وسكون الطاء، وإن اختلفت عباراتهم في ذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) أي أثبت في الخير، وأحفظ في الحفظ.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) قال: القيام بالليل أشدّ وطئا: يقول: أثبت في الخير.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) يقول: ناشئة الليل كانت صلاتهم أوّل الليل ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) يقول: هو أجدر أن تُحْصُوا ما فرض الله عليكم من القيام، وذلك أن الإنسان إذا نام لم يدر متى يستيقظ.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) قال: إن مصلي الليل القائم بالليل أشدّ وطئا: طمأنينة أفرغ له قلبا، وذلك أنه لا يَعْرِضُ له حوائج ولا شيء.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) يقول: قراءة القرآن بالليل أثبت منه بالنهار، وأشدّ مواطأة بالليل منه بالنهار.
وأما الذين قرءوا( وِطاءً ) بكسر الواو ومدّ الألف، فقد ذكرت الذي عَنَوْا بقراءتهم ذلك كذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور عن مجاهد ( أَشَدُّ وَطْئًا ) قال: أن تُوَاطئ قلبك وسمعك وبصرك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) قال: تواطئ سمعك وبصرك وقلبك.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( أَشَدُّ وَطْئًا ) قال: مُوَاطأة للقول، وفراغا للقلب.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: سمعت ابن أبي نجيح يقول في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا ) قال: أجدر أن تواطئ لك سمعك، أن تواطئ لك بصرك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( أَشَدُّ وَطْئًا ) قال: أجدر أن تواطئ سمعك وقلبك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد في قوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا ) قال: يواطئ سَمْعُك وبصرك وقلبك بعضه بعضا.
وقوله: ( وَأَقْوَمُ قِيلا ) يقول: وأصوب قراءة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يحيى بن داود الواسطي، قال: ثنا أبو أُسامة، عن الأعمش، قال: قرأ أنس هذه الآية ( إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وَطْئًا وأصْوَبُ قِيلا )، فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة إنما هي ( وَأَقْوَمُ قِيلا ) قال: أقوم وأصوب وأهيأ واحد.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا عبد الحميد الحماني، عن الأعمش قال: قرأ أنس ( وَأَقْوَمُ قِيلا ) وأصوب قيلا؛ قيل له: يا أبا حمزة إنما هي ( وَأَقْوَمُ ) قال أنس: أصوب وأقوم وأهيأ واحد.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَأَقْوَمُ قِيلا ) يقول: أدنى من أن تفقهوا القرآن.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَأَقْوَمُ قِيلا ) : أحفظ للقراءة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَأَقْوَمُ قِيلا ) قال: أقوم قراءة لفراغه من الدنيا.